الترجي يدخل مونديال الأندية بثقة الأبطال وطموح المفاجأة
يخوض الترجي الرياضي التونسي مغامرة كروية جديدة بالمشاركة في النسخة الحالية من كأس العالم للأندية التي تستضيفها الولايات المتحدة الأمريكية بين 15 يونيو و13 يوليو 2025، في دورة غير مسبوقة من حيث الشكل والمضمون، إذ تعرف هذه النسخة مشاركة 32 فريقاً من أبرز الأندية في العالم، ما يجعل من هذه البطولة محطة فاصلة في تاريخ الكرة العالمية.
ويدخل ممثل كرة القدم التونسية هذه المسابقة بعزيمة قوية لإثبات الذات، وأمل في تجاوز الدور الأول، وكتابة صفحة مشرقة جديدة في سجل حافل بالنجاحات المحلية والقارية.
هل ينجح الترجي في التأهل من مجموعة الموت؟
نادي باب سويقة وجد نفسه في قلب مجموعة صعبة للغاية وُصفت إعلامياً بـ”مجموعة الموت”، حيث أوقعته القرعة إلى جانب فلامينغو البرازيلي وتشلسي الإنجليزي ونادي لوس أنجلوس الأمريكي، مما يضعه أمام اختبارات من العيار الثقيل، لكنه لا يرى في قوة الخصوم حاجزًا أمام الطموح.
ورغم أن الفريق التونسي لم يتجاوز الدور الثاني في مشاركاته السابقة في نسخ 2011 و2018 و2019، إلا أن رغبته هذه المرة في الذهاب إلى أبعد مدى أكبر من أي وقت مضى، خصوصاً وأنه أنهى مشاركته الأخيرة بفوز تاريخي على السد القطري بنتيجة 6-2، وهو الانتصار الذي يعد من بين الأكبر في تاريخ المسابقة.
الإطار الفني بقيادة ماهر الكنزاري اختار التحضير لهذه البطولة بهدوء تام ودون ضجيج إعلامي، فغابت المباريات الودية وحضرت التدريبات المكثفة التي انطلقت في ملعب النادي بتونس قبل أن تتواصل في مقر الإقامة بمدينة ديترويت الأمريكية. الكنزاري، الذي يعرف الأجواء الأمريكية من خلال تجربته كلاعب في أولمبياد أتلانتا 1996، بدا حريصًا على إعداد لاعبيه بدنيًا وذهنيًا لخوض هذه المواجهات المصيرية بكثير من التركيز والانضباط.
ورغم منح الاتحاد الدولي لكرة القدم استثناءً بفتح باب الانتقالات خصيصًا للبطولة، فإن إدارة الترجي فضلت الحفاظ على التركيبة الحالية التي حصدت ثلاثية محلية هذا الموسم، مكتفية بالتخلي عن بعض الأسماء مثل لاري العزوني ومحمد الموحلي وزين الدين كادة وغيرهم، دون تعزيز الصفوف بلاعبين جدد، في رسالة واضحة بأن الثقة موضوعة في المجموعة الحالية.
ويعوّل الفريق على الخبرة الكبيرة التي يمتلكها الجزائري يوسف بلايلي العائد للمسابقة بعد مشاركته السابقة في نسخة 2018، إلى جانب البرازيلي يان ساس، والثنائي الشاب شهاب الجبالي وأوغبيلو، فيما يمثل المدافع محمد أمين توغاي أحد الأعمدة الدفاعية التي يعوّل عليها كثيراً لمواجهة خصوم يملكون خطوط هجوم شرسة.
رحلة الترجي في دور المجموعات تنطلق بمباراة مرتقبة أمام فلامينغو البرازيلي يوم الثلاثاء 17 يونيو في فيلادلفيا، وهي مواجهة تذكّر بلقاء ودي قديم جمع الفريقين في 1993 وانتهى بفوز البرازيليين بهدف دون رد.
بعدها، يلتقي الفريق نادي لوس أنجلوس الأمريكي يوم الجمعة 20 يونيو في ناشفيل، في مواجهة خاصة أمام فريق يضم نجوماً كباراً أبرزهم الحارس الفرنسي هوغو لوريس والمهاجم أوليفييه جيرو.
ويختتم الفريق مواجهات الدور الأول أمام تشلسي الإنجليزي، أحد أقوى الأندية الأوروبية وصاحب لقب كأس العالم للأندية 2021، فجر يوم الأربعاء 25 يونيو، في لقاء قد يكون حاسماً في تحديد هوية المتأهلين.
من الناحية المالية، يكسب الترجي من مشاركته في هذه البطولة ما لا يقل عن 9.55 مليون دولار، مع إمكانية زيادة المبلغ إلى أكثر من 17 مليوناً في حال النجاح في بلوغ المرحلة التالية، ما يشكّل حافزًا مضاعفًا للفريق، لكن الحافز الأكبر يبقى رياضياً، فالفريق يطمح إلى تجاوز إخفاقات الماضي وكتابة تاريخ جديد للكرة التونسية والعربية على حد سواء.
رغم صعوبة المهمة، لا يخفي الفريق ثقته في إمكانياته، معتمدًا على انسجام المجموعة واستقرارها الفني، وعلى تقاليده في المنافسات الكبرى، طامحًا لأن يكون أحد مفاجآت البطولة، خاصة وأن هذه النوعية من المسابقات لطالما كشفت عن فرق غير مرشحة قلبت التوقعات وصنعت الحدث. الترجي يدخل المونديال هذه المرة لا ليشارك فحسب، بل ليصنع إنجازًا قد يتحول إلى علامة مضيئة في سجل الكرة الأفريقية.